الاثنين، 19 نوفمبر 2012

متى ستعلنون ممتلكاتكم؟





في إحدى خطب المنصف المرزوقي قال "إن العمل على استرجاع ما نهبته أنظمة الاستبداد من خيرات وأموال طوال عقود يمثل تحديا بالغ الأهمية بالنسبة إلى الأنظمة الديمقراطية التي ترث حالة الخراب التي تتركها أنظمة الاستبداد"... وفي ذات الخطاب قال أيضا "... هذه الكارثة الأخلاقية هي التي نريد تصحيحها كي تكون الرسالة أن الفاسدين لن ينعموا لا هم ولا ورثتهم بسرقاتهم وأن القول الفصل في الأخير 
سيبقى للقانون الذي خرقوه وللقيم التي خانوها".
ومنذ أكثر من سنة ونصف أعلنت اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الفساد والرشوة أن اللجنة تلقت أكثر من 4239 قضية فساد ورشوة تعلقت خصوصا بالرئيس السابق وزوجته وبعائلتيهما وبالمسؤولين المقربين منهما وبأصدقائهما بصورة عامة، هذا فضلا عن ملفات الفساد التي تطالعنا بها بعض الصحف والمجلات، المعززة بالوثائق والمستندات...
الثابت أننا بصدد تفكيك منظومة متكاملة للفساد والرشوة أخلت بسير مؤسسات الدولة لسنوات ونخرت جوانب مهمة من المجتمع التونسي وهذه العملية تتطلب حدا أدنى من القيم والمبادئ منها بالأساس الشفافية والمشاركة والمسؤولية، وهي عملية تستهدف بالأساس النظام السابق والمنظومة السابقة، وهي من أهم مطالب "الثورة" التي قام بها المهمشون والمفقرون والمعطلون عن العمل، ولكن، يبدو أن "حرفة" الفساد والإفساد لم تعد تقتصر على السابقين من النظام السابق، فالأخبار المتتالية منذ سنتين تقيم الدليل على أن الفساد يأخذ شكله الجديد مع "نظام" ما بعد الثورة، ومع "المنتخبين" من الشعب لحماية ممتلكاته وإرجاع ما نُهب منه...
وهذا الفساد والنهب "الثوري" لا يختلف كثيرا عن الفساد والنهب المافيوزي للسابقين، فــ"إمبراطورية" بن علي والطرابلسية والماطري ومن لف لفهم بدأت بالإشاعات في البداية ثم صارت حكاياتهم يتجاذبها الناس خلسة بعيدا عن عيون وآذان الرقيب، وكانت لبعض الصحف الجرأة على فتح بعض من ملفات السرقة والنهب... إلى أن اكتشف الشعب التونسي حجم ما نُهب منه يوم سقط الدكتاتور وبدأت تتهاوى معه الجوقة المحيطة به، ويبدو أن نفس السيناريو يُعاد من جديد، إذ أن تقارير وتحقيقات وأخبار الفساد الجديد والمفسدين الجدد لا تخلو منها صحيفة، يومية أو أسبوعية، إلى جانب إيراد معلومات دقيقة عن الممتلكات الجديدة لهذا الوزير أو ذاك، أو لرئيس هذا الحزب أو ذاك، هذا فضلا عن الصفقات العمومية التي يتم إبرامها باسم الشعب في حين أن العمولات الضخمة تعود إلى جيوب من ابرم تلك الصفقات وهي كثيرة... بل هي أكثر من فقر وألم هذا الشعب الذي نُهب سابقا ويُنهب اليوم ...
وفي المقابل لا نسمع بتكذيب لهذا الخبر أو لتلك المعلومة، بل صرنا لا نسمع إلا بإطلاق سراح وزراء العهد الفاسد وترقية مسؤولي ومديري العهد الفاسد، وتشجيع رجال الأعمال في العهد الفاسد... وهو ما يجعل باب التصديق مفتوحا على مصراعيه، في انتظار أن تُحكم وزارة الداخلية أمرها وتُرتب بيتها من الداخل لتُطلق عصاها من جديد فيعود الشعب المسكين إلى الحديث عن العصابة الجديدة خلسة بعيدا عن عيون الرقيب...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق